تعد جريمة النصب من أخطر الجرائم الاقتصادية التي تمس الثقة في المعاملات المدنية والتجارية. وقد خصّص لها المشرع المغربي نصوصًا دقيقة ضمن القانون الجنائي المغربي، تحديدًا في الفصل 540 وما بعده، وذلك لحماية الأفراد والمؤسسات من المحتالين الذين يستخدمون الحيلة والخداع للاستيلاء على أموال الغير بغير وجه حق.
تعريف جريمة النصب حسب الفصل 540 من القانون الجنائي المغربي
وفقا للفصل 540 من القانون الجنائي المغربي، يُعد مرتكبًا لجريمة النصب:
“يعد مرتكبا لجريمة النصب، ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من خمسمائة إلى خمسة آلاف درھم، من استعمل الاحتيال ليوقع شخصا في الغلط بتأكيدات خادعة أو إخفاء وقائع صحيحة أو استغلال ماكر لخطأ وقع فيه غيره ويدفعه بذلك إلى أعمال تمس مصالحه أو مصالح الغير المالية بقصد الحصول على منفعة مالية له أو لشخص آخر.
وترفع عقوبة الحبس إلى الضعف والحد الأقصى للغرامة إلى مائة ألف درھم، إذا كان مرتكب الجريمة أحد الأشخاص الذين استعانوا بالجمھور في إصدار أسھم أو سندات أو اذونات أو حصص أو أي أوراق مالية أخرى متعلقة بشركة أو بمؤسسة تجارية أو صناعية.”
يتضح من هذا النص أن الوسيلة الاحتيالية تشكل محور الجريمة، وأن الركن الأساسي فيها هو استعمال الحيلة أو الخداع بهدف الاستيلاء على مال الغير.
أركان جريمة النصب في القانون المغربي
1. الركن القانوني
يتجسد في وجود نص قانوني يجرم الفعل، وهو الفصل 540 من القانون الجنائي.
2. الركن المادي
يتكون من ثلاثة عناصر رئيسية:
- الوسيلة الاحتيالية: أي استعمال تأكيدات خادعة أو إخفاء وقائع صحيحة أو استغلال ماكر لخطأ وقع فيه غيره ، كاستعمال أسماء وهمية أو صفة كاذبة أو إنشاء مشروع وهمي.
- التسليم: يجب أن يسفر الخداع عن تسليم الضحية لمال أو منفعة.
- النتيجة الإجرامية: وهي تحقق الضرر، أي خسارة المجني عليه للمال او المنفعة واستيلاء الجاني عليها بطرق غير مشروعة.
3. الركن المعنوي
يتجسد في القصد الجنائي، أي نية الجاني في الخداع والاستيلاء. ويُشترط العلم والإرادة في تحقيق النتيجة.
الوسائل الاحتيالية المعتمدة في جريمة النصب
من بين الأمثلة:
- تقديم وعود كاذبة بربح مالي أو فرصة استثمارية وهمية.
- انتحال صفة شخصية أو مهنية (مثل الادعاء بأنه محامٍ، طبيب، موظف سامٍ).
- استعمال وثائق مزورة (عقود، شيكات، حوالات).
- تقديم عروض غير حقيقية (بيع عقارات وهمية، مشاريع استثمارية لا وجود لها).

الفرق بين النصب والسرقة وخيانة الأمانة
الجريمة | الوسيلة المستعملة | رضا الضحية | طبيعة المال |
---|---|---|---|
النصب | الحيلة والخداع | نعم | مال منقول أو عقار |
السرقة | الاختلاس الخفي | لا | مال منقول فقط |
خيانة الأمانة | سوء استخدام الثقة | نعم | مال سلم للفاعل مسبقا |
العقوبة المقررة لجريمة النصب
يعاقب الفصل 540 من القانون الجنائي المغربي مرتكب جريمة النصب بما يلي:
- الحبس من سنة إلى خمس سنوات.
- غرامة من 500 إلى 5000 درهم.
- تشديد العقوبة إذا إذا كان مرتكب الجريمة أحد الأشخاص الذين استعانوا بالجمھور في إصدار أسھم أو سندات أو اذونات أو حصص أو أي أوراق مالية أخرى متعلقة بشركة أو بمؤسسة تجارية أو صناعية.
- يجوز أيضا أن يحكم على المجرم بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل 40 من القانون الجنائي وبالمنع من الإقامة من خمس سنوات إلى عشر.
- ويعاقب على محاولة هذه الجرائم بالعقوبة المقررة للجريمة التامة.
آليات إثبات جريمة النصب أمام القضاء المغربي
1. شهادة الشهود
تعد من الوسائل المعتمدة، خصوصا إذا عاين الشهود عملية الخداع .
2. المحادثات الهاتفية أو الإلكترونية
يجوز للمحكمة الاستناد إلى المكالمات المسجلة أو المراسلات الإلكترونية إذا تم الحصول عليها وفق الضوابط القانونية.
3. الخبرة التقنية
في حال كان النصب إلكترونيا أو تم عبر وثائق، يمكن تعيين خبير لفحص الأدلة مثل الحواسيب أو العقود المزورة.
4. اعتراف الجاني
يبقى الاعتراف سيد الأدلة، بشرط أن يكون صريحا وحرا وغير ناتج عن ضغط أو إكراه.
الإجراءات القانونية عند التعرض لجريمة نصب
- تقديم شكاية فورية لدى أقرب مركز للشرطة أو الدرك الملكي او النيابة العامة.
- إرفاق الشكاية بالأدلة المتوفرة (مراسلات، تسجيلات، وثائق).
- تقديم شكاية مباشرة للنيابة العامة المختصة ترابيا.
- تتبع القضية عبر مراحل التحقيق والإحالة على المحاكمة.
اجتهادات قضائية مغربية بارزة
- قرار محكمة النقض عدد 1168 بتاريخ 2008/11/27: يعتبر تقديم وعد غير صادق ببيع عقار وهمي وسيلة احتيالية قائمة بذاتها.
- حكم المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتاريخ 2021/04/15: اعتمد على محادثات “واتساب” كدليل إثبات في جريمة نصب عقاري.
خلاصة
تشكل جريمة النصب خطرا كبيرا على العلاقات المدنية والاقتصادية، ويحرص القضاء المغربي على معاقبة مرتكبيها بشدة. إن وعي الضحايا بحقوقهم القانونية وسرعة اللجوء إلى القضاء من أهم الوسائل للحد من هذه الجريمة.
اترك تعليقاً