يعد التنازل عن الشكاية في المغرب من الإجراءات القانونية الأساسية، حيث يمارس من طرف المشتكي في بعض الحالات لعدة اعتبارات منها الصلح والخوف على الطرف الاخر من العقاب وغريها من الأسباب، وله آثار قانونية تختلف باختلاف طبيعة الجريمة.
في هذا المقال، سنستعرض جميع الجوانب المتعلقة بالتنازل عن الشكاية، بدأ من منح نموذج تنازل عن الشكاية، والثار المترتبة عليه، بالإضافة إلى الفرق بين التنازل والصلح.
أولا:نموذج تنازل عن شكاية
فيما يلي نموذج مبسط يمكن استعماله في الحالات التي يُراد فيها التنازل عن شكاية:
أنا الموقع أسفله: [الاسم الكامل]
رقم البطاقة الوطنية: [رقم البطاقة]
العنوان: [العنوان الكامل]
أصرح بموجب هذا التنازل أنني أتنازل عن الشكاية التي تقدمت بها بتاريخ [تاريخ الشكاية] ضد السيد/السيدة [اسم المشتكى به]، المتعلقة بالوقائع التالية: [شرح مختصر للوقائع].
وأقر أن هذا التنازل تم بكامل إرادتي ودون ضغط من أي جهة، وأطلب من الجهات القضائية المعنية التوقف عن المتابعة في هذه القضية.
حرر في: [تاريخ]
نموذج تنازل عن شكاية WORD تحميل
رغم أن القانون لا يلزم الاستعانة بمحام عند تقديم الشكاية، إلا أن اللجوء لمحام يعد من الخطوات الأساسية، للأسباب التالية:
- تفادي الأخطاء الشكلية التي قد تؤدي إلى حفظ الشكاية.
- التكييف القانوني الصحيح للوقائع لتندرج تحت النصوص القانونية المناسبة.
- المتابعة الإجرائية لمراحل الشكاية لدى الشرطة و النيابة العامة وأمام القضاء.
- صياغة التنازل بشكل قانوني يحفظ الحقوق ويمنع أي إشكال مستقبلي.
لضمان سلامة الإجراءات القانونية، لا تتردد في التواصل مع محامٍ مختص:
اتصل بمحام:ثانيا:متى يمكن التنازل عن الشكاية؟
يُمكن للمتضرر التنازل عن الشكاية في أي مرحلة من مراحل الدعوى العمومية، سواء:
- أثناء البحث التمهيدي أمام الشرطة القضائية،
- أو أمام النيابة العامة او خلال التحقيق،
- أو أثناء المحاكمة أمام قاضي الحكم.
غير أن أثر هذا التنازل يختلف حسب نوع الجريمة المرتكبة، إذ لا يؤدي دائمًا إلى إنهاء المتابعة الجنائية.
الجرائم التي يؤدي فيها التنازل إلى إيقاف المتابعة
في بعض الجرائم، يُعتبر تقديم الشكاية شرطًا جوهريًا لتحريك المتابعة. وفي هذه الحالة، يُؤدي التنازل عن الشكاية إلى وضع حد نهائي للمسطرة، سواء كانت في مرحلة البحث أو أثناء المحاكمة.
من أبرز هذه الجرائم:
- الخيانة الزوجية – المادة 491 من القانون الجنائي
- السب والقذف – المادتان 442 و443
- السرقة بين الأقارب (كالسرقة بين الأصول والفروع أو الأزواج) – المادة 534
- الإيذاء الخفيف أو البسيط – في بعض الحالات المرتبطة بالعلاقات الأسرية أو الطابع الشخصي للنزاع
الجرائم التي لا يؤثر فيها التنازل عن الشكاية
في باقي الجرائم، وخصوصًا الجرائم الخطيرة أو التي تمس النظام العام أو أمن المجتمع، فإن التنازل عن الشكاية لا يترتب عليه أي أثر قانوني يُنهي المتابعة. ويبقى للنيابة العامة صلاحية الاستمرار في تحريك الدعوى العمومية، بصرف النظر عن رغبة المشتكي.
من أمثلة هذه الجرائم:
- القتل أو الضرب المفضي إلى الموت
- الاغتصاب وهتك العرض بالعنف
- الاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية
- الفساد المالي والاختلاس وتبديد الأموال العمومية
- الإرهاب وتكوين العصابات الإجرامية
في هذه الحالات، يُنظر إلى الشكاية باعتبارها مجرد وسيلة للإخبار، ولا تعتبر شرطا لتحريك المتابعة، وبالتالي لا يؤثر التنازل فيها على سير الإجراءات القضائية.
ثالثا:الفرق بين التنازل عن الشكاية والصلح الزجري في القانون المغربي
رغم أن كلا من التنازل عن الشكاية والصلح الزجري يؤديان في بعض الحالات إلى وقف المتابعة الجنائية، إلا أن هناك فروقات جوهرية بين المؤسستين من حيث الطبيعة القانونية، والإجراءات، والأثر المترتب عن كل منهما.
1. التنازل عن الشكاية: إرادة فردية
يُعد التنازل عن الشكاية إجراءً أحادي الجانب يصدر عن المشتكي أو المتضرر، يُعبّر فيه عن رغبته في إنهاء النزاع الجنائي أو عدم رغبته في متابعة المشتكى به. ويكون هذا التنازل مؤثرًا فقط في الجرائم التي يُشترط فيها تقديم الشكاية كمصدر لتحريك المتابعة، مثل الخيانة الزوجية أو السب والقذف أو السرقة بين الأقارب.
أما في الجرائم الخطيرة أو التي تمس النظام العام، فإن التنازل عن الشكاية لا يُلزم النيابة العامة، ولا يؤدي إلى وقف الدعوى العمومية، لأنها من اختصاص الدولة.
2. الصلح الزجري وفق المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية
لفهم الفرق بين التنازل عن الشكاية والصلح الزجري، لا بد من الرجوع إلى المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية المغربي، التي أرست آلية جديدة لحل النزاعات الزجرية البسيطة خارج المحكمة، وذلك من خلال تمكين النيابة العامة من إبرام صلح رسمي مع المتضرر أو المشتكى به وفق شروط دقيقة.
1.2 متى يمكن تطبيق الصلح الزجري؟
وفقًا للمادة 41، يُمكن للمتضرر أو المشتكى به قبل إقامة الدعوى العمومية، وفيما يتعلق بجرائم يُعاقب عليها بسنتين حبسا أو أقل، أو بغرامة لا تتجاوز 5000 درهم، أن يطلب من وكيل الملك تضمين الصلح الحاصل بينهما في محضر رسمي. ويتم هذا الصلح بموافقة الطرفين، ويحرره وكيل الملك بحضور الطرفين أو دفاعهما.
2.2 إجراءات الصلح الزجري
- يتم تحرير محضر الصلح من قبل وكيل الملك يتضمن جميع تفاصيل الاتفاق.
- يُحدد فيه تاريخ جلسة التصديق أمام رئيس المحكمة الابتدائية (أو من ينوب عنه).
- يحال المحضر على غرفة المشورة، حيث يصدر رئيس المحكمة أمرًا قضائيًا بالتصديق عليه، وهذا الأمر لا يقبل أي طعن.
3.2 مضمون الأمر القضائي بالتصديق
يتضمن الأمر القضائي ما يلي:
- ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين؛
- غرامة لا تتجاوز نصف الحد الأقصى المقرر قانونًا؛
- تحديد أجل زمني لتنفيذ الصلح.
4.2 الصلح بدون حضور المشتكي
حتى في حالة عدم حضور المتضرر، يمكن للنيابة العامة اقتراح صلح مباشر على المشتكى به، إذا تبين من وثائق الملف وجود تنازل مكتوب صادر عن المشتكي، أو في حال عدم وجود مشتكٍ أصلاً، كما هو الحال في بعض الجنح.
في هذه الحالة:
- يُعرض الصلح على المشتبه فيه (المشتكى به) مقابل أداء نصف الغرامة أو إصلاح الضرر الناتج عن فعله.
- يُحرر محضر رسمي يُحال كذلك على رئيس المحكمة للتصديق.
5.2 أثر الصلح الزجري
بمجرد التصديق القضائي على محضر الصلح:
- تُوقف المتابعة القضائية نهائيًا.
- يُمنع تحريك الدعوى العمومية بشأن نفس الأفعال طالما تم تنفيذ التزامات الصلح.
لكن، في حال:
- عدم المصادقة على محضر الصلح،
- أو عدم تنفيذ الشروط المتفق عليها في الأجل المحدد،
- أو ظهور عناصر جديدة تمس جوهر الدعوى،
فيمكن للنيابة العامة أن تحرك الدعوى العمومية من جديد، ما لم تكن الجريمة قد سقطت بالتقادم.
رابعا: آثار التنازل عن الشكاية
يُحدث التنازل عدة آثار قانونية، تختلف حسب المرحلة التي قُدم فيها:
1. إذا تم قبل المتابعة القضائية:
- قد يؤدي إلى حفظ الشكاية إذا كانت الجريمة من الجرائم التي يُشترط فيها تقديم الشكاية.
2. إذا تم أثناء التحقيق:
- قد يُؤدي إلى إيقاف التحقيق إذا كانت الجريمة تقبل التنازل.
3. إذا تم بعد صدور حكم:
- لا يؤثر في تنفيذ العقوبة إلا في الحالات التي يربط فيها القانون تنفيذ العقوبة بتقديم شكاية.
ملاحظة: في بعض الحالات، قد يُعتبر التنازل عنصرًا لتخفيف الحكم، دون أن يوقف المتابعة القضائية.
خامسا:هل يمكن الرجوع عن التنازل عن الشكاية؟
نعم، يمكن للمشتكي التراجع عنه قبل صدور الحكم
سادسا: هل التنازل عن الشكاية يعني البراءة تلقائيا؟
لا. فحتى في حالة التنازل، يحتفظ القضاء بسلطته في تقدير الوقائع، وقد يصدر حكمًا بالإدانة إذا توفرت الأدلة، خاصة إذا تعلّق الأمر بجرائم لا يشترط فيها تقديم الشكاية.
سابعا: التنازل وتأثيره على الدعوى المدنية التابعة
إذا كان المشتكي قد طالب بالتعويض المدني، فإن التنازل عن الشكاية لا يعني تلقائيًا التنازل عن المطالبة بالحق المدني، إلا إذا ورد ذلك صراحةً في وثيقة التنازل. طبقا للمادة 12 من قانون المسطرة الجنائية
التنازل عن الشكاية أداة قانونية فعالة، لكن ينبغي استخدامها بحذر. يُستحسن الاستشارة مع محامٍ قبل تقديم التنازل، خاصةً إذا كانت القضية لا تزال في طور التحقيق أو المحاكمة. التنازل لا ينهي دائما المتابعة، لكنه يسهم في تهدئة النزاع، وقد يؤدي في بعض الحالات إلى وقف الدعوى.
اترك تعليقاً